يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في طريقه للتراجع عن إرسال قوات عسكرية تركية إلى ليبيا، لدعم ميلشيات حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج في مواجهة الجيش الوطنى الليبي، بعد ضغط من الرئيس الروسي فلادمير بوتين.
وكان الرئيس الروسي قد وصل إلى إسطنبول مساء الثلاثاء، لبحث تطورات الأوضاع الأخيرة في المنطقة وعلى رأسها الأزمة الليبية، والتدخل التركي العسكري الذي ترفضه موسكو.
ومنذ أن وافق البرلمان التركى، الخميس الماضي، على مذكرة أردغان، بإرسال قوات إلى ليبيا، ويواجه الرئيس التركي رفضا دوليا لتدخله في الشأن الليبي.
وفي سياق متصل، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أن الرئيسين الروسي والتركي توصلا إلى توافق في الرأي بشأن الأزمة الليبية، وطالبا بوقف إطلاق النار في ليبيا اعتبارا من منتصف ليلة 12 يناير.
وقال لافروف، في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول التركية، إن الرئيسين يدعوان جميع الأطراف في ليبيا إلى الجلوس لطاولة المفاوضات، كما اتفقا بخصوص التوصل إلى حل بالطرق السلمية للتوتر المتصاعد في منطقة الخليج.
وأضاف وزير الخارجية الروسي أن بوتين وأردوغان شددا على أهمية مشاركة كافة الأطراف والدول المعنية بالملف الليبي في الجهود المبذولة لحل هذه الأزمة.
أثار قرار البرلمان التركي بتفويض الرئيس رجب طيب أردوغان في إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، حالة من الجدل في المنطقة.
وجاء في مذكرة التفويض، أن من الاعتبارات التي تدفع تركيا نحو إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، "حماية المصالح الوطنية انطلاقا من القانون الدولي واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضد المخاطر الأمنية والتي مصدرها جماعات مسلحة غير شرعية في ليبيا"، حسب وكالة الأناضول التركية.
تحذير شديد اللهجة من مصر
من جانبها، أدانت جمهورية مصر العربية بأشد العبارات، الخميس، خطوة تمرير البرلمان التركي المذكرة المقدمة من الرئيس التركي بتفويضه لإرسال قوات تركية إلى ليبيا، وذلك تأسيساً على مذكرة التفاهم الباطلة الموقعة في إسطنبول بتاريخ 27 نوفمبر 2019 بين فايز السراج والحكومة التركية حول التعاون الأمني والعسكري.
وبحسب بيان للخارجية المصرية، تؤكد مصر على ما تُمثله خطوة البرلمان التركي من انتهاك لمقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن حول ليبيا بشكل صارخ، وبالأخص القرار (1970) لسنة 2011 الذي أنشأ لجنة عقوبات ليبيا وحظر توريد الأسلحة والتعاون العسكري معها إلا بموافقة لجنة العقوبات، مُجدداً اعتراض مصر على مذكرتيّ التفاهم الباطلتين الموقعتين مؤخراً بين الجانب التركي و"السراج"، وعدم الاعتراف بأي إجراءات أو تصرفات أو آثار قانونية قد تنشأ عنهما، نتيجة مخالفة إجراءات إبرامهما للاتفاق السياسي الليبي الموقع بالصخيرات في ديسمبر 2015، وبالأخص المادة الثامنة التي لم تخول "السراج" صلاحية توقيع الاتفاقيات بشكل منفرد، وخولت في ذلك المجلس الرئاسي مجتمعاً، واشترطت مصادقة مجلس النواب على الاتفاقيات التي يبرمها المجلس الرئاسي.
كما تحذر جمهورية مصر العربية من مغبة أي تدخل عسكري تركي في ليبيا وتداعياته، وتؤكد أن مثل هذا التدخل سيؤثر سلباً على استقرار منطقة البحر المتوسط، وأن تركيا ستتحمّل مسئولية ذلك كاملة.
وتؤكد مصر في هذا الصدد على وحدة الموقف العربي الرافض لأي تدخل خارجي في ليبيا، والذي اعتمده مجلس جامعة الدول العربية في اجتماعه يوم 31 ديسمبر 2019، وتذكر بالدور الخطير الذي تلعبه تركيا بدعمها للتنظيمات الإرهابية وقيامها بنقل عناصر متطرفة من سوريا إلى ليبيا، مما يُبرز الحاجة المُلحة لدعم استعادة منطق الدولة الوطنية ومؤسساتها في ليبيا مقابل منطق الميليشيات والجماعات المُسلحة الذي تدعمه تركيا ويعوق عودة الاستقرار في هذا البلد العربي، فضلاً عن أي احتمال للتدخل العسكري التركي في ليبيا باعتبار أن هذا التطور إنما يهدد الأمن القومي العربي بصفة عامة، والأمن القومي المصري بصفة خاصة، مما يستوجب اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية المصالح العربية من جراء مثل هذه التهديدات.
وتدعو مصر المجتمع الدولي للاضطلاع بمسئولياته بشكل عاجل في التصدي لهذا التطور، المنذر بالتصعيد الإقليمي، وآثاره الوخيمة على جهود التوصل عبر عملية برلين لتسوية شاملة وقابلة للتنفيذ تقوم على معالجة كافة جوانب الأزمة الليبية من خلال المسار الأممي.
الجامعة العربية ترفض التدخل التركي
وكانت الجامعة العربية، قد أعلنت في بيان لها، يوم الثلاثاء الماضي، أن التسوية السياسية هي الحل الوحيد لعودة الأمن في ليبيا، وقالت إنها ترفض التدخل الخارجي في شؤون ليبيا وتجدد تمسكها بوحدتها.
وأكد بيان الجامعة أيضا دعم العملية السياسية من خلال التنفيذ الكامل لاتفاق الصخيرات (17 ديسمبر/ كانون الأول 2017) باعتباره المرجعية الوحيدة للتسوية في ليبيا، مشددا على أهمية إشراك دول الجوار في الجهود الدولية الهادفة إلى مساعدة الليبيين على تسوية الأزمة الليبية.
وعقد هذا الاجتماع الاستثنائي بطلب من الحكومة المصرية في ظل استعدادات تركيا لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا في إطار مذكرة التفاهم حول تعزيز التعاون الأمني العسكري مع حكومة الوفاق الوطني والتي تم إبرامها، يوم 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.