قبل 80 سنة، وضعت مصر خطة لبناء سدود علي البحيرات الاستوائية منها بحيرة فيكتوريا، من خلال إجراء مباحثات مع أوغندا "يوغندا" ـ وقتها ـ بعد أن توقفت الحرب العالمية الثانية، وعقدت واحدة منها في عنتيبي، وذلك في خطوة منها للحفاظ علي نهر النيل ومستقبلها المائي.
وتعتبر بحيرة فيكتوريا ثاني أكبر بحيرة للمياه العذبة في العالم من حيث المساحة والأكبر في إفريقيا، كما أنها أكبر بحيرة استوائية في العالم، وتطل عليها ثلاث دول هي كينيا وأوغندا وتنزانيا كما ينبع من هذه البحيرة نهر الأبيض.
أكد حامد سليمان، وكيل وزارة اشغال العمومية في عام 1949م في مقدمة كتاب نادر يحوي المفاوضات بين البلدين وتنشره «الأهرام الزراعي»، أن فكرة إقامة مصر لسدود علي البحيرات استوائية وإقامة سد علي بحيرة فيكتوريا نشأت منذ عام 1933م، حين قامت وزارة الأشغال العمومية – وزارة الري المصرية حاليا – بوضع سياستها المائية لاستغلال مياه التخزين الإضافية، لافتا أن المفاوضات جرت بعد انتهاء الحرب العالمية حيث اضطرت مصر وضع خطط وتعديلات علي البرنامج فيما بعد.
قال سليمان إنه اتضح لمصر إن بحيرات أعالي النيل هي المكان الوحيد الصالح لتخزين المياه لكبر مساحته من ناحية ولإمكانية تكوين رصيد احتياطي كبير، لافتا أن الوزارة أعدت في عام 1931م مشروعا لتخزين المياه المستمر علي بحيرة ألبرت، ولكن اتضح أن سد حاجة مصر في المستقبل تقتضي التوسع في فكرة التخزين المستمر، وعلي هذا الأساس تم التقدم بطلب تخزين في بحيرة فيكتوريا كخطوة تالية.
ونظرا لأهمية المشروعات، باعتبارها دستور قومي للبلاد فقد تم عرض البرنامج وأقره مجلس الوزراء وتكوين لجنة اتفاقات وحوارات مع دولة أوغندا، حيث أجريت حوارات ومناقشات بين الطرفين، إذ أن بعثة مصرية ذهبت لأوغندا في عام 1929م لدراسة مجري نيل ألبرت وانهي المهندسون المصريون الدراسات في عام 1936م.
كما قامت بعثة مصرية في الفترة مابين 1932م 1942م لإنهاء جميع الأرصاد والميزانيات وإقامة المقاييس.
ينقلنا حامد سليمان لرد الحكومة الأوغندية على المطالب المصرية، بإنشاء سد علي بحيرة فيكتوريا بأنها تحتاج الكهرباء فقط، حيث قالت الحكومة الأوغندية في بند رقم 8، إن حكومة أوغندا رغبة منها في مساعدة الحكومة المصرية بقدر المستطاع مستعدة للتقدم للحكومة البريطانية بعدة توصيات ومنها السماح لمصر باستعمال بحيرة فيكتوريا لتخزين 120 مليار متر مكعب من المياه يقابلها 106 مليار متر مكعب من المياه ببحيرة ألبرت، حيث تعتبر حكومة أوغندا أن هذا المقدار من المياه المخزون يكفي لسد طلبات الحكومة المصرية من التخزين القرني.
لكما قالت الحكومة الأوغندية، إنه يمكن الاقتصاد في استعمال المياه في مصر، وخاصة حين تلجأ مصر مستقبلا لاستصلاح جميع أراضيها.
وأكدت أوغندا "أنه لكي يمكن استعمال المياه المنصرفة من بحيرة فيكتوريا في وقت الحاجة يلزم بأنشاء سد عند موتير علي نيل ألبرت كخزان في حدود 3 أمتار ويسمح لمصر بإقامة مهندس مصري عند موتير مع التصريح له بالاطلاع علي سجلات الموازنات بمنطقة موتير وشلالات أوين".
كما تقوم أوغندا بتعيين مهندس بريطاني، في الوقت الذي طالبت فيه أوغندا مصر بتكاليف السد كاملة تكون علي حساب مصر، وإنشاء محطات لتوليد الكهرباء تستفيد منها أوغندا مع نقل الطريق والخط الحديدي من كوبري سكة حديد منطقة جنجا إلي الطريق فوق السد كما تتكلف مصر توليد الكهرباء من مساقط أوين وأعطت أوغندا مصر مهلة 3 أشهر لتنفيذ المشروع.
في سياق متصل، قال الدكتور إبراهيم الدسوقي أستاذ الجغرافيا بجامعة قنا لــ"للأهرام الزراعي " إن مصر لاتسفيد من منطقة البحيرات الاستوائية سوي بـ16% فقط من المياه، فيما اعتمادها الكلي ينصب علي المياه القادمة من إثوبيا، لافتا أن وزارة الري المصرية كانت من أقوي الوزرات وقامت بوضع خطط للاستفادة من المياه من البحيرات الاستوائية.
وطالب الدسوقي أن تقوم الحكومة المصرية حاليا بالاستفادة من الخطط القديمة التي وضعتها وزارة الأشغال للاستفادة من نهر النيل وتنفيذها، لافتا أن مشروع إقامة مصر لسد علي بحيرة فيكتوريا توقف بسبب الأحداث السياسية والاقتصادية لكلا البلدين في مصر وأوغندا.
وأضاف أستاذ الجغرافيا أن مصر مطالبة بالذهاب للتحكيم الدولي إذا أصر الجانب الأثيوبي علي المماطلة خاصة أن الدراسات تشير إلي تأثير سد النهضة علي مصر، لافتا أنه لابد من تحلية مياه البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر رغم ارتفاع التكاليف مع الاهتمام بتقوية وزارة الري ودعمها لإقامة مشروعات في دول حوض النيل وتعزيز التواجد المصري في أفريقيا.